هل للسيارة التركية مستقبل؟
منذ أيام قلائل أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كشف النقاب عن أول سيارة تركية محلية الصنع بالكامل. حيث قام بالكشف عن خطة تركيا في إنتاج هذه السيارة بمعدل 175 ألف وحدة سنويا من السيارة الكهربائية في مشروع من المتوقع أن يتكلف 22 مليار ليرة (3.7 مليار دولار) على مدى 13 عاما.وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مراسم الكشف عن المشروع إن تركيا لا تطمح إلى بيع السيارة محليا فحسب بل ترغب أيضا في أن تصبح اسما عالميا، انطلاقا من أوروبا. وقال” نشهد سويا حلم تركيا منذ 60 عاما يصبح حقيقة، “مشيرا إلى خطط سابقة لم تكلل بالنجاح لإنتاج سيارة محليا. وأضاف” عندما نرى هذه السيارة على الطرق في أنحاء العالم، سنكون قد بلغنا هدفنا. “وعقب إلقاء كلمته، انشقت أرض المسرح عن طراز رياضي متعدد الاستخدامات أحمر اللون من السيارة وآخر سيدان لونه رمادي، وعليهما علامة ”توج“ وهو اسم مجموعة الشركات المحلية المتخصصة في صناعة السيارات التي قامت بتصميم وعمل هذا النموذج والتي سوف تتكلف بصناعة وإنتاج السيارة توج على المدى البعيد.
يعتمد نموذج السيارة الجديدة على موتور كهربائي في توليد الحركة. فهي أول سيارة كهربائية تركية الصنع 100%. وهو ما تناقلته العديد من وكالات الأنباء وحاز على اهتمام قطاع كبير من العاملين بصناعة السيارات العالمي. وقال أردوغان في معرض حديثه على هامش الاحتفالية إن السيارة الجديدة تحمل اسم توج “TOGG” والمقرر تقديمها بخمس أنماط مختلفة حيث ستبدأ بتقديم SUV وسيدان وغيرها من الأنماط العائلية ثم ستقوم بتقديم الأشكال والنماذج الرياضية منها. كذلك سيتم تقديم السيارة بفئتين من أنظمة الدفع الكهربائية، الاولى تضم محرك كهربائي واحد فقط قوته 200 حصان مخصص لدفع العجلات الخلفية للسيارة، ويمكن لهذا المحرك دفع السيارة من الثبات لسرعة 100 كم/ساعة في 7.6 ثانية فقط، أما الفئة الثانية فتضم محركين كهربائيين (أمامي وخلفي) بقوة إجمالية 400 حصان، ويمكن لهاذين المحركين دفع السيارة من الثبات لسرعة 100 كم/ساعة في 4.8 ثانية فقط. هذه الأرقام والاحصائيات إن تم ذكرها في الماضي كانت ستعتبر درب من الخيال. ولكن استطاعت العقول الهندسية التركية في وقت قياسي الوصول إليها.
كما نشرت وكالات الأنباء التركية مرسوماً رئاسياً يقضي ببناء مصنع ضخم لصناعة السيارة توج بدعم حكومة وميزانية هائلة تصل إلى 22مليار ليرة تركية جنوب تركيا في مدينة صبور. كما سيتم إعفاء هذا المشروع بالكامل من ضرائب الشركات والرسوم الجمركية، مع تخصيص الأراضي اللازمة لبناء المصنع، فضلًا عن دعم حكومي بقيمة تأمينات العمالة في المصنع لمدة عشر سنوات دون وضع حد لقيمة الدعم. و من المتوقع أن ينجح المشروع نجاحاً باهرا حيث سيلقى التفافاً واسعاً من الشعب التركي كما تلقي بالفعل دعما كبيرا من الحكومة التركية وستدعم الحكومة المشروع مرة ثانية حيث وعد الرئيس التركي بشراء الحكومة التركية ما يقارب 30 ألفا من السيارة الجديدة فور بدء تصنيعها.
صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه سوف تكون البنية التحتية في تركيا جاهزة لشحن السيارات الكهربائية بحلول عام 2022. كما أشار إلى سعادته العارمة بنجاح النموذج الأولي من السيارة حيث ذكر أنه كانت هناك محاولات عديدة في الماضي لصناعة سيارة تركية خالصة ولكن لم تكلل بالنجح. ولكن عند رؤية الأتراك لسيارتهم الجديدة تسير على الطريق في تركيا وجميع أنحاء أوروبا سيشعرون بالفخر والوصول على الهدف المنشود.
تتمتع السيارة الجديدة بأنظمة إلكترونية حديثة ومحلية الصنع طورتها شركة تركية ناشئة مع مهندسي الشركة المنتجة، أصبحت السيارة الذكية وكأنها مساعد شخصي لصاحبها، كما يمكن ربطها بكافة الأجهزة الذكية المتصلة بشبكة الإنترنت، ويمكن للسيارة الذكية أن تساعد في عدة أمور، مثل التسوق من الإنترنت، وتسليم المشتريات إلى السيارة حتى وإن لم يكن سائقها موجودا. وتم التأكيد خلال هذا الحفل على أن الشركة صممت المحرك الكهربائي وبطاريات هذه السيارات بالكامل، لذلك فهي تملك الحقوق الفكرية لتصميماتهم بالكامل، ولم تعتمد على أي شركة خارجية لإمدادها بهذه الأجزاء لتسهيل عملية انتاج السيارات الكهربائية في تركيا.
أما عن الإضافة الاقتصادية لمشروع السيارة التركية توج ذكرت وكالات الأنباء التركية أن من المتوقع أن يساهم في اقتصاد البلاد بـ 50 مليار يورو خلال 15عاما، وتقليص عجز الحساب الجاري بمقدار 7 مليارات يورو، إضافة إلى توفير 4 آلاف فرصة عمل بصورة مباشرة، و20 ألفا أخرى بطريقة غير مباشرة. بالإضافة إلى جذب العديد من الشركات الصناعية الكبرى لإقامة مصانعهم على الأراضي التركية نظراً لمهارة العمال والمهندسين الأتراك.
يرجع تاريخ صناعات السيارات في تركيا إلى بدايات الثورة الصناعية في الستينيات من القرن الماضي. وقد تم إنشاء 4 سيارات محلية الصنع في ذلك الوقت للحاجة إليها في طريق الجيش هناك. حيث تكاثرت الآراء السلبية حول عدم قدرة العقول التركية على مضاهاة الشركات الصناعية الكبرى في صناعة سيارة من تصميم وتنفيذ تركي. وفي محاولة ادحض تلك الآراء. قام مهندسون أتراك بتطوير السيارة القديمة التي صنعت ذاك الوقت والوصول بها إلى مجلس البرلمان التركي ثم قيادتها حيث قبر رئيس الجمهورية التركية الرابع، جمال جورسال، بالإضافة إلى عمل جولة في المكان المخصص لسباق الخيول هناك. كل هذا حدث في صباح يوم التاسع والعشرين من أكتوبر لسنة 1961. تلك هي السيارة الوحيدة التي استطاعت السير ذاك الوقت والبقاء حتى يومنا هذا، من أربع سيارات تم تصنيعها وإطلاق الألقاب التالية عليها” سياح” تعني السوداء، و” بياز” البيضاء، و” مافي بونجوق” الخرزة الزرقاء، و” ججل كوندو” بيت الفقراء. حيث تم الاحتفاظ بهذه السيارة التاريخية في حديقة المحركات التركية لكي تخبر الزائرين بقصتها.
وضعت الحكومية تكليف في تشكيل من الشركات المتخصصة في صناعة المحركات ويقودها عدد من المدراء ذوي الخبرة الواسعة والعميقة في هذه الصناعة الكبرى. وتأسس كونسورتيوم مجموعة مبادرة السيارات التركية (توج) في منتصف 2018 على يد خمس مجموعات صناعية ضمت مجموعة الأناضول وبي.مي.جي ومجموعة كوك وتركسل لاتصالات الهاتف المحمول وزورلو القابضة، المجموعة الأمل لشركة فيستل لصناعة التلفزيون. حيث أن الرئيس التنفيذي للسيارة توج هو جورجان كاراكاش المسؤول التنفيذي السابق في بوش، أما مدير العمليات فهو سيرجي روشا المدير التنفيذي السابقة لجنرال موتورز كوريا.
من المتوقع أن تواجه السيارة حديثة العهد منافسة شرسة خصيصاً في مجال السيارات الكهربائية. فقد ظهرت في الآونة الأخيرة شركات تولي اهتماماً كبيراً بتصنيع السيارات تتحرك بالطاقة الكهربائية النظيفة ومنها شركة تسلا الأمريكية لصاحبها ايلون ماسك. كما قام العملاق الياباني تويوتا بتصنيع سيارة كهربائية الدفع أيضاً وقد لاقت رواجاً في الأسواق الاسيوية والأوروبية. ولكن السيارة التركية سوف تنافس في جميع الفئات (الرياضية والعائلية) وهذا ناتج عن ذكاء بالغ في العقلية التسويقية والتجارية وليس فقط من الناحية الهندسية.