هل كورونا عقاب إلهي للصين؟
الإيجور هم أقلية مسلمة يعيشون في إقليم شينجيانج ذاتي الحكم داخل جمهورية الصين الشعبية. اقلية الإيجور هي واحدة من بين خمسة وخمسين أقلية داخل الصين والتي ترفض الحكومة الصينية الاعتراف بهم إلا أنهم أقلية إقليمية داخل الصين الشعبية التي بدورها متعددة الثقافات والأقاليم.
يبلغ عدد سكان الصين مليارا 300 مليون إنسان ينتمي 92% منهم إلى عرق “الهان” أما المسلمون فيبلغ عددهم حوالي 23 مليونا وفق الإحصاءات الرسمية. ينتمون إلى 10 أعراق بينها شريحتان كبيرتان جدا: “الهُوِي” الذين يتحدثون الصينية وهؤلاء لا يشكلون أي مشكلة لدى الصين فهم موالون سياسيا ومبعثرون جغرافيا ولا يطالبون بالاستقلال والإيجور” الذين يمثلون مشكلة الصين وأرقها الدائم، هؤلاء يتحدثون لغة تركية ويطالبون بالاستقلال.
عاش عرق الإيجور عبر التاريخ متنقلين فيما بين صحراء تكلاماكن التي تضم حوض تاريم التاريخي. وهي منطقة خضعت لسيطرة العديد من الحضارات تاريخيًا بما في ذلك الصين والمغول والتبت والحضارات التركية. بدأت قبائل الإيجور بالدخول في الإسلام منذ بداية القرن العاشر الميلادي كما توافدوا بشكل كبير على دخول الإسلام بحلول القرن السادس عشر الميلادي. فهوية الإيجور وخلفيتهم إسلامية منذ زمن بعيد جداً.
كان سكان منطقة حوض تاريم يتحدثون العديد من اللغات مثل لغة ساكا وتوشاريان. ولكن في القرن التاسع، عند قدوم بعض الشعوب التركية إلى هذه المنطقة انتشرت اللغات التركية القديمة التي كانوا يتحدثونها وحلت محل اللغات الأصلية للسكان المحليين، حتى أنه في القرن الحادي عشر لوحظ أن الإيجور يتحدثون لغة تركية بحتة. لكنهم ما زالوا يتحدثون لغة أخرى فيما بينهم ولهم نصوص مختلفة. ولكن لغة الإيجور الحديثة تقع تحت فرع كارلوك لعائلة اللغة التركية. لغة الإيجور هي لغة جميلة وتحتوي ترتيب كلمات للموضوع والفعل. وتمتلك انسجام حرفي مثل اللغات التركية الأخرى ولديها حالات اسمية وفعلية عديدة. اعتمد الإيجور الحديثون عددًا من النصوص البرمجية الخاصة بلغتهم. اعتُمد النص العربي، المعروف باسم شاغاتاي الأبجدية، جنبًا إلى جنب مع الإسلام. أدت التغييرات السياسية في القرن العشرين إلى إصلاحات عديدة في نصوص الكتابة، على سبيل المثال الأبجدية الإيجورية السيريلية المستندة إلى السريالية، وهي عبارة عن نص جديد من لغة الإيجور اللاتينية، ثم الأبجدية العربية الإيجورية.
عاش الإيجور لفترة ليست بالقليلة على الزراعة والتجارة حيث كانت بعض المدن الإيجورية تقع على طريق الحرير العريق المشهور بالتجارة عبر الصين كلها. فمعظم سكان الإيجور من المزارعين. تفوق الإيجور على أقرانهم في وسائل الري الحديثة بسبب أن معظم المناطق التي يقطنون بها قاحلة. فقد برعوا في بناء وصيانة القنوات تحت الأرضية التي تقوم بنقل المياه من الجبال إلى المزارع. وبجانب الزراعة ايضاً فالكثير من مسلمي الإيجور يعملون في التعدين والصناعات المشتقة من القطن والبتروكيماويات. كما تنتشر صناعة البساط والنسيج واليشم في جميع أنحاء إقليم شينجيانج.
يقدر تعداد الأيجور خارج الصين بحوالي 1.6 مليون نسمة. يتواجد الكثير من مسلمي الإيجور في مناطق وسط اّسيا مثل كازاخستان وقيرغيزستان وأوزباكستان. كما يعيش البعض منهم في مختلف البلدان الأوروبية والعربية مثل هولندا، كندا. أستراليا، السويد، النرويج، المملكة العربية السعودية وأفغانستان.
إلى وقتنا هذا. يعيش الأغلبية العظمى من مسلمي الإيجور في نطاق حوض تاريم التاريخي. والبقية منعم يقطنون اورومتشي عاصمة شينجيانج. كما أن تاريخ الإيجور هو مسألة خلاف فيما بينهم وبين السلطة الصينية حتى هذا اليوم بسبب اعتبار المؤرخون الإيجور أن مسلمي الإيجور هم السكان الأصليين لمدينة شينجيانج. كما قام مؤتمر الإيجور بالادعاء بأن لهم تاريخ قدره 4000 عام شرقي تركستان. ولكن على الجانب الاّخر، فإن وجهة النظر الصينية الرسمية تؤكد أن الإيجور في شينجيانج قد نشؤا من قبائل تيلي وأصبحوا القوة الاجتماعية والسياسية الرئيسية فقط في شينجيانج خلال القرن التاسع عندما هاجروا من منغوليا إلى شينجيانج بعد انهيار مجتمع الإيجور، ليحلوا محل عرق الهان الصيني وادعوا أنهم كانوا هناك منذ عهد أسرة هان.
قاد مسلمو الإيجور في مقاطعة تركستان الشرقية بعدة ثورات مسلحة ومواجهات دامية بغرض نيل الاستقلال والحصول على الحقوق لواجبة لهم. أخفقت بعض تلك المحاولات ونجحت البعض الاّخر منها حيث أعلن الإيجور الاستقلال في أوائل القرن العشرين ولكن سرعان ما بسطت الحكومة الصينية سيطرتها على الإقليم وضمته إلى الجمهورية سنة 1949 ميلادياً. ومنذ ذلك التاريخ نزح الكثير من عرق الهان الصيني إلى الإقليم فيما يمثل الاّن أربعين بالمائة من التعداد السكاني الكلي للإقليم.
تصنف الحكومة الصينية منطقة شينجيانج على أنها ذاتية الحكم ولكن هذا ليس الشيء المميز لها. فهذا الإقليم ينتج حوالي 80% من إنتاج البترول الصيني و90% من اليورانيوم. فهو إقليم غني بالموارد الطبيعية والمعادن. ولذا فهي منطقة حرجة وذات أهمية قصوى للحكومة الصينية.
ويتهم الإيجور السلطات الصينية بممارسة التمييز ضدهم، بينما تقول الصين إن ميليشيات الإيجور تشن حملة عنف تشمل التآمر للقيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني من أجل إعلان دولة مستقلة. وترصد الحكومة الصينية استثمارات ضخمة في شينجيانج في مشاريع الصناعة والطاقة بينما يزعم مسلمو الإيجور أن عرقية الهان يأخذون وظائفهم كما أن السلطات تصادر مزارعهم من أجل مشروعات التنمية والصناعة الكبرى التي تجري بالمنطقة.
أشيعت الكثير من الأقاويل بأنه قد فرضت الحكومة الصينية منذ مطلع 2014 العديد من القيود والحواجز على مسلمي الإيجور في إقليم شينجيانج في مختلف النواحي الدينية والاجتماعية والثقافية. وسعت الحكومة الصينية من مراقبة الشرطة من أجل مراقبة علامات «التطرف الديني» التي تشمل امتلاك كتب عن الإيجور، أو نمو اللحية، أو امتلاك سجادة صلاة، أو الإقلاع عن التدخين أو شرب الكحول.
قامت الحكومة الصينية أيضاً بإنشاء بعض المعسكرات التي أطلقت عليها ” معسكرات إعادة التعليم “. والتي تهدف إلى تغيير التفكير السياسي للمحتجزين وهوياتهم ومعتقداتهم الدينية. تبقي بعض هذه المنشآت السجناء محتجزين على مدار الساعة، في حين يترك البعض الآخر نزلاءهم يعودون ليلًا إلى ديارهم بعد انقضاء البرنامج اليومي الملزم.
أنكرت السلطات الصينية وجود أي أعمال منافية للإنسانية في مثل تلك المعسكرات. كما صرحت الحكومة بأن مثل تلك المعسكرات تعمل على محاربة الإرهاب وتقديم التدريب المهني المؤهل لشعب الإيجور. ولكن الحكومة فيما بعد قد رفضت فتح الأبواب للزائرين في تلك المعسكرات لإثبات وجهة النظر التي يتبناها الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.
قامت 22 دولة بإعراب مخاوفها بشأن الإجراءات القاسية المتبعة ضد سكان شينجيانج من مسلمي الإيجور. كما حث سفراء الدول ال 22 حكومة الصين على التوقف عن الاعتقال القسري والسماح لمسلمي الإيجور بالتنقل بحرية وممارسة الشعائر الدينية الخاصة بهم بكل سهولة.
وعلى النقيض تماماً. قام سفراء 37 دولة من بينها روسيا وكوريا الشمالية وباكستان وسوريا وبعض الدول الإفريقية بإصدار خطاباً مشتركا موجهاً على الأمم المتحدة وبالأخص للمفوض السامي لحقوق الإنسان يظهرون به دعمهم الكامل لحكومة جمهورية الصين الشعبية ويمدحون المواقف السابقة للسلطات الصينية التي أظهرت الكثير من دعم حقوق الإنسان واحترام الاّدمية.