ما هي حقيقة “فيلم كرتوني إباحي هولندي” عن زوجات الرسول (صلى الله عليه وسلم)؟
تنتشر بين الحين والأخر حملة محمومة تدور عبر الهواتف ومنصات التوصل الاجتماعي ضد ما يسمى “فيلم كرتوني إباحي هولندي” عن زوجات الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويطالب المشاركون فيها بحتمية الوقوف ضد هذه الهجمة الجديدة على رموز الإسلام ومقدساته، وقيام جماهير الأمة بدور فاعل في معاقبة الهولنديين بقسوة عبر مقاطعة منتجاتهم المتداولة في الأسواق.
ثم يختم ناشروها بالمناشدات لتمرير الرسالة والتحفيز على التفاعل لتحقيق أكبر قدر من الانتشار، مع تحذير المتكاسلين عن نشر الرسالة بالويل والثبور والحرمان من ستر الله!
بل إن بعض وكالات الأنباء نشرت أخبارا منسوبة إلى شخصيات إسلامية أصدرت بيانات تهاجم هذا الفيلم، مثل وكالة “أونا” التي نشرت في 9 أكتوبر 2014 بياناً نسب إلى الدكتور/ عبدالله الناصر حلمي، أمين عام “اتحاد القوى الصوفية وتجمع آل البيت الشريف”، يعلن فيه إدانة القوى الصوفية لما أسماه “حلقة جديدة من مسلسل الاعتداء على سيد الخلق صلي الله عليه وسلم بدأت مؤخرا من هولندا ببث فيلم كرتوني إباحي، يحتوى على مشاهد فاضحة ويحتوي على سخرية من آل البيت وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم”. مطالباً بضرورة الدعاء على هؤلاء ومقاطعة منتجاتهم بجدية.
يلاحظ أن هذه الرسالة يعاد نشرها على فترات متباعدة فتظهر وتختفي، وتنشط وسائل التواصل الاجتماعي في تروجيها والتحذير من إهمالها، بينما لا توجد أية إشارة لاسم هذا الفيلم ولا الفريق العامل به ولا المؤلف ولا الشركة المنتجة أو الجهة التي تتبناه، ولا النائب البرلماني الذي سمح ببثه وتلقى تهديد هؤلاء التجار !!
وإجمالاً هذا الخبر غير صحيح، ويتم ترويجه منذ 2009 ويتناقله الناس بعاطفية دون تثبت ولا تدقيق.
هل لحكاية هذا الفيلم أصل؟
غالباً يعود الأمر إلى عام 2007 حين ظهر شاب مغمور يدعى إحسان جامع – من أصول إيرانية – كان عمره حينها 22 عاماً وفي بداية مشواره السياسي كعضو في حزب العمل، وكان يعرّف نفسه “مسلم سابقا” وهو مسمى تبنته مجموعة كانت تضم حوالي 85 شخصية من أصول مسلمة، جمعتهم مواقفهم ضد الإسلام أو تجاربهم السلبية في المجتمعات التي قدموا منها، مثل الصومالية حرصي علي التي كانت نائبة في البرلمان الهولندي قبل هجرتها لأمريكا، ولها مواقف معروفة.
أراد إحسان جامع ركوب موجة “هاجم الإسلام لتشتهر في الإعلام” أو ربما أريد استغلاله كغيره في تلك المساحة، فأعلن وقتها عن تفكيره في إنتاج “فيلم” عن الإسلام، سوف يجعل الأجواء أكثر سخونة من رسوم الدانمارك، لكنه بانتظار تقييم ردود الأفعال تجاه فيلم “فتنة” لليميني خرت فيلدرز.
وفي مارس 2008 أعلن عن فيلمه المزعوم لكنه لم يعرض منه شيء ولا يعرف تفاصيل محتواه. وغالب الظن أنه تراجع تحت ضغوط أزمة الرسوم المسيئة وتداعياتها.
ثم كرر إعلانه في نوفمبر 2008 لكن هذه المرة عن فيلم آخر مدته 10 دقائق سماه “مقابلة مع محمد” (صلى الله عليه وسلم) حيث أتى بشخص ألبسه قناعاً وأخذ يطرح عليه أسئلة تتمحور حول المرأة، وغير المسلمين، والردة، إلخ من الموضوعات التي يعتبرها سلبية. وظهر هذا “الفيلم” على الإنترنت في ديسمبر 2008، فلم تكن له أية آثار تذكر.
وبقي هذا الشخص فترة ثم اختفى تماما من الساحة السياسية منذ 2011، معللاً ذلك بالتركيز في دراسته. ولم يبق له دور إلا مشاركة بعض صور مقززة يجمعها منها وهناك وينشرها بين الحين والآخر على حسابه في تويتر والذي لا يتفاعل معها إلا عدد قليل جدا.
خلاصة الكلام، ليس هناك فيلم يبث قريبا ولا شئ من هذا القبيل في هولندا.