كيف نحمي أبناءنا من الإرهاب والتجنيد الإلكتروني؟ – ذ. عبد القادر الصالحي
كيف نحمي أبناءنا من الإرهاب والتجنيد الإلكتروني؟
تستخدم المنظمات الارهابية المتطرفة شبكات التواصل الاجتماعي والتويتر وغيرها من وسائل التواصل الالكتروني لاستقطاب الشباب، ما يضع المجتمعات بصفة عامة والأسر بصفة خاصة أمام مسؤولية عظمى لحماية أبنائهم من الغرق في هذا المستنقع وتحصينهم من الأفكار المتطرفة التي أفرزتها هذه الجماعات الضالة بتأويلاتها الفاسدة والخبيثة للآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
وبناء على ذلك يلزمنا ويُحتَّم علينا الالتزام والتقيد بتعاليم الإسلام الذي يدعو إلى تحقيق التسامح والوسطية وتعزيز التعايش السلمي، وهذا من أهم الأساليب التي نحمي بها أنفسنا من الإرهاب والانجراف وراء من يريدون تدمير أبنائنا.
وبعد البحث والتقصي اكتشفنا أن تنظيم داعش يشغّل الآلاف من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ويدير حسابات بأسماء نساء تحت مسمى المجاهدات والأخوات بهدف تجنيد عناصر جدد.
كيف يتم استقطاب الشباب؟؟
صارت قضية “استقطاب الشباب” أمرا سهلا على التنظيمات المتطرّفة كداعش على سبيل المثال، وقد وضعت داعش استراتيجية وذلك باستخدام الإعلام والتواصل الاجتماعي كأداة قتالية ووسيلة للاستقطاب والتجنيد والتعبئة. وذلك يتم، من خلال الخطوات الآتية:
- تستغل الجماعات المتطرفة والإرهابية ومنها تنظيم داعش الظروف القاسية التي يعانيها مجموعة من الشباب مثل سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والجهل بتعاليم الإسلام الذي جاء لتحقيق الرحمة وقيمة التسامح وكذلك تركز في عملية الاستقطاب أصحاب السوابق الإجرامية، وذلك لسهولة استمالهم وتجنيدهم للأعمال الإرهابية والتفجيرات الدموية.
- هنا تأتي الخطوة الثانية تحاول فيها هذه المنظمات بالترصد لهذا النوع من الشباب من خلال ” كتابة تغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الفايسبوك والتويتر، ووفقا للتفاعل والتجاوب معها يتم اختيار الفئة المستهدفة من المغردين، وذلك من أجل التعرف عليهم وإقامة علاقة أخوية وهمية معهم لغسل أدمغتهم.
- وفي المرحلة الثالثة وهي المهمة والحاسمة، بحيث يقوم أحد المكلفين بوظيفة استقطاب الشباب للاتضمام لمنظمة داعش الإرهابية بطرح أسئلة محددة ومثيرة لخلق شكوك ونقاشات حول آيات معيّنة أو أحاديث معيّنة. فهنا إذا وجد تفاعلاً ملحوظاً وميولا تاما من أحدهم، يبدأ في التواصل المباشر معه وغسل دماغه.
- هنا يقوم عنصر داعش بتأويل فاسد للآيات القرآنية والأحاديث النبوية بشكل وصورة تدعو إلى الانتقام والعنف والقتل، ويعرضها على هدفه ويعمل على إقناعه بها، وبأن ما تدعو إليه هذه المنظمة الإرهابية هو الحق، وأن ما عليه الآخرين هو الباطل والضلال والكفر.
- وفي الخطوة الأخيرة تأتي مرحلة التجنيد والتكليف، بحيث ربما يكلف هذا التنظيم الضال المارق هذه الضحية بمهمات بسيطة لا تحتاج إلى تدريب مسبق كافتعال حرائق وهكذا حتى يصنعون منه قنبلة لتفجير الأماكن الحساسة والعامة والتي تزهق جراءها أنفس بريئة من الأطفال والنساء والرجال.
لذا أصبح لزاما علينا أن نتحرك فورا للعمل حسب الإمكانيات على إصلاح ومعالجة هذا الداء العضال الذي خرب عقول الشباب. فمرحلة الشباب غالبا ما تتسم بالعجلة والتسرع وعدم تقدير الأمور التقدير الصحيح، لذلك نرى أن تحصين أبنائنا بتنويرهم بالمنهج الوسطي وتوضيح حقيقة الأعمال الإرهابية ومخاطرها على الدين والمجتمعات، أمر ضروري.
قال الله تعالى :” مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ”
وفي (صحيح البخاري) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً”
- وكلمة “دما” جاءت نكرة في سياق النفي وهذا يفيد العموم، يعني أي إنسان مهما كان دينه وعقيدته وفكره.
ومن هنا يأتي دور المؤسسات التربوية في تأصيل مبادئ الدين الإسلامي التي تقوم على الوسطية والتسامح في نفوس أبنائنا. خلاصة القول: نحن بحاجة للتربية قبل التعليم.
وفي مقدمة هذه المؤسسات، الأسرة. فالأسرة هي اللّبنة الصالحة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم.
ولا تنحصر مقاومة الإرهاب في المقاومة الميدانية والمتابعات الأمنية رغم شدة أهميتها ولكن يجب أن يكون معها جنبا الى جنب وبالتوازي دور الأسرة في غرس القيم الإنسانية والنبيلة في نفوس أبنائنا وتحذيرهم من مخاطر التطرف والعنف وقتل الأبرياء.
وبعد هذا الطرح المتواضع، أريد أن أقدم لكل أسرة في العالم وصفة لحماية أبنائنا من التطرف والتجنيد الالكتروني.
كيف نحمي أبناءنا من التجنيد الإلكتروني؟
- المتابعة
يجب على الوالدين متابعة حياة الابن بشكل يومي. والمتابعة لها طرق متعددة منها المباشرة وهي التواصل معه خارج المنزل أو حين يكون مع أصدقائه أو زملائه، ومنها غير المباشرة وهي تقصي الحقائق حول ما يفعله بدون معرفته حين يلاحَظ تغير في سلوكه.
- المشاركة
ومشاركة الأبناء في أنشطتهم هي أفضل طريقة للتقرب من الأبناء وحمايتهم من الأفكار المتطرفة أو الإدمان أو غيره من الأمور التي تشكّل عليهم خطراً. ونحذر الوالدين من أن غياب مشاركة الأسرة الإيجابية في حياة الأبناء تدفعهم إلى البحث عن شركاء خارج الأسرة، وهذا يسهل على الجماعات المتطرفة استقطابهم.
- المناقشة:
ونؤكد أنه في حالة ملاحظة الوالدين تغيرات في سلوك الابن كظهور العنف في تصرفاته أو الحدة في طريقة حديثه، يجب أن يثيروا معه نقاشات في كافة المجالات بشكل هادئ وبشيء من العقلانية وبدون هجوم عليه أو تجريح به، وعليهم الاستعانة بشخص مؤهل للحديث معه أو بأحد المقربين إليه من الأسرة أو من مدرّسيه.
- الرعاية:
رعاية الأسرة ومتابعتها الدائمة لأبنائها ولتصرّفاتهم من أعظم المهمات، خاصة في سن المراهقة والشباب، وكذلك عدم الانشغال عنهم بشكل دائم والتقرّب منهم لمعرفة ما يشاهدونه على شبكة الإنترنت.
وأشار أستاذ الطب النفسي يسري عبد المحسن إلى أن هنالك مؤشرات يجب مراقبتها بدقة لمعرفة هل يميل الابن إلى التطرف أم لا كانصياعه للعزلة المفاجئة أو تلقيه اتصالات سرية من شخص غريب أو الانطواء وظهور العنف في سلوكه وأحاديثه.
- التوعية:
في ظل ما يمر به العالم من تداول مشاهد الذبح وتزييف الحقائق وسوء تفسير الآيات والأحاديث، لا بد من التحدث مع الأبناء حول هذا الموضوع وتوعيتهم بالأشياء الصحيحة ومناقشتهم في كل ما يدور في فكرهم حول الأحداث الدائرة بطريقه متفهّمة وتعريفهم بمبادئ الإسلام الذي جاء من أجل تحقيق مبدأ الرحمة والتسامح والوسطية وتعزيز التعايش السلمي.
- كن صديقاً لابنك في التواصل الاجتماعي:
وهذا أصبح حاليا من الضروري، لأنه سيسهل على الوالدين معرفة ما يقوم به الابن ومعرفة آرائه وهل هنالك تغييرات تطرأ عليه.
- المعرفة سلاح في وجه التطرف:
يجب الحديث مع الأبناء عن الجماعات المتطرفة وتعريفهم بداعش وغيره وبمخاطر هذه التنظيمات وتعريفهم أيضاً بالإسلام الوسطي ومفاهيمه.
- متابعة جديد التكنولوجيا:
على الأهل التعرّف على التطورات التكنولوجية التي يستخدمها داعش في استقطاب الشباب ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، لأنه في حالة جهل الأهل هذه الأمور التي ينجذب إليها الأطفال والأبناء في سن المراهقة، ستحدث فجوة تجعل الابن في عالم آخر بعيد عن الأسرة.
اللهم احفظ أبناءنا من كل مكروه.
الخبير التربوي :عبدالقادر الصالحي