سلوكيات الناس في ظل “كورونا ” وما المطلوب شرعا إزاء هذه الأزمة؟؟ – ذ عبدالقادر الصالحي
- مدونات
- مكتب التحرير
- الأحد 20 رجب 1441هـ 15-3-2020م
- 0
- 2 minutes read
إن الله عز وجل بحكمته البالغة، وحجته الساطعة، وقدرته القاطعة، وعلمه المحيط بكل شيء، يبتلى عباده بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، ويقدر عليهم ما شاء من النعم والنقم، ليمتحنهم ويختبر صبرهم وشكرهم، قال الرب المتعال
((الم** أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ** وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ))
الْكَاذِبِينَ)) العنكبوت. فمن صبر عند البلاء واسترجع، وشكر عند الرخاء واحتسب، وضرع إلى الله سبحانه عند نزول المصائب والكرب، مستعطفا نواله، راجيا كرمه وأفضاله، فحاشى لله تعالى أن يرده خائبا صفر اليدين، أو يكدحه بهلكة يعز عليه الخلاص منها، بل ستتناءى عنه هذه المصائب-بحول الله وكرمه- بقدْر الإكثار من الاستغفار والدعاء والتضرع والابتهال، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم:
((وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ))
الأعراف. وقال عليه الصلاة والسلام:
(( إن ربكم كريم حيي يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا)).
ولكن الناظر إلى حال كثير من الناس في ظل هذه الأزمة ” انتشار فيرس كورونا” الذي قض مضاجع كثير من الناس، بل جعلهم يعيشون في رعب وهلع وكأن الساعة قائمة، تصاب حقيقة بالحيرة والصدمة وأنت ترى الناس -وخاصة المسلمين- يتهافتون بكثرة على المحلات والمتاجر لاقتناء حاجياتهم من المأكل والمشرب بكميات كبيرة، حتى عرفت بعض المتاجر فوضى عارمة بسبب لهطة عدد من الزبناء الذين بلغ بهم الحال إلى حد السب والشجار، بل عرفت رفوف كثير من المحلات فراغا تاما من المنتجات وسط دهشة وصدمة العاملين. أحيانا تقول في نفسك: كيف لو ظهرت علامة من علامات الساعة الكبرى، فكيف سيكون حالهم وسلوكهم؟؟!!
لا حول ولا قوة إلا بالله.
عبدالقادر الصالحي خبير تربوي
فالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية هذا أمر لا يختلف فيه اثنان، ولكن مثل هذه السلوكيات المبالغ فيها عند نزول المصائب والملمات أو حدوث مشكلة؛ فترى المرء مرتعد الفرائص، مختل التوازن، شارد الذهن، شاخص البصر، يحار في أمره عندما يصاب بملمة أو بلية، فتنغلق في عينيه المخارج، وتركبه الهموم؛ فلا يستطيع مواجهة الواقع بجنان ثابت وقلب قوي، هذا أمر لا يقبله دين ولا عقل ولا ضمير، بل هذا كله ينمُ عن ضعف الإيمان وقلة اليقين والتدين مع التدني في الوعي والتصرف.
فالمسلم إذا حلت به المصائب يصبر ويحتسب، وليعلمْ أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن كل شيء بقدر، وأن البلاء لا ينزل إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة. إذن ما المطلوب منا شرعا في ظل هذه الملمة؟
- التوبة والاستغفار: قال العباس :” ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة” لقوله تعالى.
((وما كان الله معذبهم وهو يستغفرون)) الأنفال
وقوله صلى الله عليه وسلم((مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ))
قال الفضل بن سهل : ((إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها ، فهي تمحيص للذنوب ، وتعرّض لثواب الصبر ، وإيقاظ من الغفلة ، وتذكير بالنعمة في حال الصحة ، واستدعاء للتوبة ، وحضّ على الصدقة))
وكان الحسن البصري -رحمه الله تعالى- يقول: ((أكْثِرُوا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقاتكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم وأينما كنتم؛ فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة والمغفرة))
- الدعاء:
((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))
قال ابن القيّم عن بركة الدّعاء : (والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدوّ البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه أو يخففه إذا نزل).
- الصّلاة بخشوع وحضور مع القنوت: بحيث أوصى الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- المؤمنين إذا كُسفت الشمس أو خسف القمر أن يفزعوا إلى الصّلاة ليكشف الله -تعالى- عنهم ما أصابهم، وعمّم ذلك على كلّ مكروهٍ يصيب المؤمن؛ حيث قال: (فافزَعوا للصلاةِ)، وورد في رواية أخرى: (فصلُّوا حتى يُفرِّجَ اللهُ عنكم).
- الصّدقة: وهي من أهمّ ما يرفع البلاء عن المسلم، قال ابن القيّم إنّ الصدقة ترفع البلاء حتّى عن غير المسلمين، وأوصى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كذلك النّساء أن يتصدّقن، لأن من أعظم ما يُدفع به البلاء ويُرفع به النقم ويُطفأ به غضب الرب الصدقة في السر كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى»صحيح الترغيب.