سفيان عز الدين.. المغربي الذي مات دفاعاً عن المصلين في مسجد كيبيك
خلّفت العملية الإرهابية على مسجد المركز الإسلامي في مقاطعة كيبيك بكندا، صدمةً واسعة بين صفوف الجالية الإسلامية وسكان المقاطعة عموماً؛ إذ لم تعرف المقاطعة عموماً هجمات من هذا القبيل؛ فبرغم تعرّض المسجد ذاته لاعتداء قبل مدة برمي رأس خنزير قُربه؛ فإن المسلمين لم يكونوا ينتظرون أن يكونوا هدفاً لمسلح أراد قتل أكبر عدد منهم.
حصيلة يوم الاثنين 30 يناير قَامَتْ بالأنتهاء بمقتل ستة أشخاص كلهم من أصول أجنبية، وتحديداً من الجزائر وتونس والمغرب وغينيا، بينهم شخصية جِد معروفة في كيبيك، ويتعلق الأمر بسفيان عز الدين، صاحب متجر اللحوم “السلام” الشهير في المنطقة، والرجل الخدوم الذي لم يكن يدخر جهداً في مساعدة الآخرين.
وتَحَوّل متجر السلام إلى مزار للمُعزّين أَثْناء الساعات السَّابِقَةُ؛ فليست الجالية المغربية أو المسلمين وحدهم مَن آلمهم إِرْتِحَال عز الدين ومعه القتلى الخمسة الآخرين؛ بل كذلك الكثير من سكان كيبيك؛ إذ كان عز الدين محبوباً من لدن الجميع، وكان يقدم مثالاً قوياً على قدرة المسلم على الاندماج في وسط غربي والتعايش مع الآخرين.
سفيان عز الدين، قضى نحبه وهو في سنة الـ57، له ثلاثة أبناء، حاصل على شهادة الدكتواره في البيولوجيا، وصل إلى كندا قبل ثلاثة عقود تقريباً، وكان هو أول مَن أنشأ محلاً لبيع المنتجات الحلال في كيبيك، كذلك علي الصورة الأخري كان يحس في أيامه الأخيرة أنه قد يموت شهيداً؛ خاصة بعد سفره برفقة زوجته إلى العمرة قبل أسابيع.
وتنقل “سي إن إن” العربية عن “نزهة أنكيلا” جارته وصديقة الأسرة، قولها: في ليلة مقتله بدأ عز الدين تناول العشاء مع أسرته، والتحق بالمسجد لأجل تأدية صلاة العشاء، وكان المسجد غاصاً في تلك اللحظة بالكثير من المصلين بينهم نساء ورجال؛ إذ كان المركز ينظّم حملة تبرعات لصالح سكان غزة، وبعد صلاة العشاء، تَفَرّق عدد من المصلين، وبقيت فقط نسبة قليلة تحرص على أداء الشفع والوتر.
وأضافت “نزهة” أن منفّذ العملية أتى أَثْناء أداء صلاة الشفع والوتر، ولو أتى مبكراً لكانت حصيلة القتلى أكبر، وبعد سماع صوت تَحْرِير النار، تَشَجّع “عز الدين” وأخبر المصلين عن أنه سيخرج لإيقاف مُطلق النار؛ لأجل منعه من قتل مَن كانوا داخل المسجد؛ فكان عز الدين أول القتلى وأكثر مَن استقبل صدره رصاص الجاني.
وبرغم جَوّ الصقيع في كيبيك؛ فإن سكان المدينة من كل الأديان والمعتقدات شاركوا في وقفة تضامنية مع الضحايا، وكان التضامن قوياً والتعازي لم تتوقف؛ لأن العمل الإرهابي صدَم سكان المدينة ككل؛ لأنه عمل غير مسبوق أبداً، وزوجة “عز الدين” تعيش وضعاً نفسياً جد متدهور.
وعلى صفحة المركز الإسلامي لكييبيك في “فيسبوك”، تعددت الشهادات بحق الْفَقِيدُ؛ فقد كتب “عمار”: “كان رجلاً جد لطيف، دائم البسمة. أؤكد أنه كان إنساناً رائعاً محبوباً، يحب الجميع.. لا أستطيع وصفه بكلمات معدودات.. فدموعنا تقول كل شيء”، وكتب “حكيم”: “ساعدني كثيراً عندما كنتُ أُعِد لعشاء للشباب المسلم في الجامعة”.
وكتبت سيدة أخرى: “إنه إنسان لا يُنسى، كلما تذكرت وجهه الكريم بكيتُ بحرقة. ألف رحمة يا سيدي الكريم.. كنت كلما ذهبت للشراء عنده، أقول لزوجي إنني أحس أن النور ينبثق من وجه هذا الرجل الكريم. أقسم أن وجهه كان فيه نور وهو في الدنيا”، كذلك علي الصورة الأخري كتبت “نادية”: “لن ننسى أبداً ابتسامتك كلما زرنا متجرك”.
المصدر : وكالات