الشريف محمد امزيان – قائد ثورة الريف الأولى

سيرة الشريف محمد أمزيان أحد مجاهدي الريف الأوائل الذين قاوموا الاستعمار الإسباني، وخائن الوطن عميل الإسبان الزرهوني الجيلالي الملقب ب “بوحمارة”

الشريف محمد امزيان الريفي :

هو محمد بن الحاج محمد بن حدو بن أحمد بن عبد السلام بن صالح مؤسس زاوية ازغنغان ، كان معروفا بالشريف سيدي محمد أمزيان، الريفي الأمازيغي، ولد سنة 1859 ، وهي السنة التي تؤرخ لحرب تطوان التي انهزم فيها المغرب أمام الإسبان  تلقى تعليمه في المسجد كسائر أبناء الريف المغربي في تلك الفترة، حفظ القرآن في الزاوية التي يقودها والده بازغنغان والتحق بين 1887و 1891 بجامع القرويين في فاس لاستكمال دراسته  يعتقد أنه ينحدر من الشرفاء الأدارسة الحموديين الذين سكنوا قبيلة قلعية التي أسست عائلته الزاوية القادرية المعروفة بزاوية سيدي أحمد أعبد السلام بازغنغان الواقعة ضمن مجال آيت بويفرور أزغنغان أحد الفروع الخمسة لقبيلة قلعية.

بعد استكمال المجاهد العظيم تعليمه عاد مباشرة إلى مسقط رأسه بازغنغان، لكنه لم يعتكف في الزاوية منتظرا الهبات والعطايا، بل مارس التجارة منذ شبابه ، وكان ينقل البضائع والأبقار والدواب خاصة بين الريف والجزائر.

ونظرا لاستقامته وورعه وخصاله الحميدة إضافة إلى ذكائه وقوة إقناعه، ونسبه الشريف، كان جل أبناء الريف المهاجرين المتوجهين إلى الجزائر للعمل في ضيعات المعمرين، يقصدونه للاحتماء بحرمته والسير في ركابه تجنبا لأخطار الطريق، فاشتهر بين ساكنة مختلف قبائل الريف بمهمة “الزطاط” الذي يوفر الأمن التام لكل من يسافر في ركابه، ويساعده على قطع واد ملوية الذي جرفت مياهه عددا كبيرا من المهاجرين الذين لا يتقنون عبوره. لقد أفادته هذه المهمة في فتح علاقات تواصل وتعاون مع مختلف القبائل المجاورة وأعيانها.

وقد اشتهر الشريف محمد امزيان بحميد الأخلاق ومساعدة الناس وحبهم والوقوف معهم في كل صغيرة وكبيرة ، وتحلى بمجموعة من المزايا الشخصية من ذكاء واستقامة وحب لبلاده وقوة العزيمة وعبقرية في التنظيم ومعاشرة الناس ، بالأحرى كل الخصال التي تميز شخصية فذة، لذلك حظي باحترام أهل الريف، وكان حسن السمعة في قبائل قلعية وقبائل كبدانة، ولمكانته هذه كان يشرف على العقود الجماعية، ويقصده الناس لتسوية النزاعات.

تميزت عائلة الشريف محمد أمزيان بنفوذ كبير في كل القبيلة بالنظر لنسبها الشريف ولمهامها الاجتماعية، خاصة سعيها الدائم لإصلاح ذات البين وحل النزاعات وإخماد الفتن من ابطال المغاربة في القرن العشرين إلى جانب محمد بن عبد الكريم الخطابي وموحى أوحمو الزياني وعسو أوباسلام وآخرين.

واجه محمد الشريف أمزيان الريفي من جهة أولى بوحمارة الذي أرعب السكان الريفيين نهبا وفتكا وإذلالا ، وعاث فيهم إفسادا وتخريبا إلى أن طرده الشريف خاسئا منكسرا من عاصمته قصبة سلوان، ومن جهة ثانية قاوم المحتل الإسباني لمدة ثلاث سنوات إلى أن استشهد في 15 ماي سنة 1912م بقبيلة بني سيدال بعد أن باعه إخوانه من قومه وعقيدته إلى جينيرالات الإسبان طمعا واسترزاقا.

كان أبناء الريف في تلك الحقبة حين ينهون حرث أرضهم ومنذ فصل الربيع وأيضا بعد جمع المحصول في فصل الصيف ينتقلون إلى الجزائر ليشتغلوا في ضيعات المستعمرين الفرنسيين، كان انتقالهم مغامرة محفوفة بالمخاطر والمجازفات ، سواء حين يقطعون نهر ملوية الذي يمكن أن تجرفهم مياهه وكثيرا ما كان يحدث، أو بكثرة قطاع الطرق الذين يتربصون في كل مكان ، خاصة خلال موسم العودة لتجريد الريفيين مما جمعوه من محاصيلهم وأموالهم إبان فترة اشتغالهم في الجزائر، لذلك كثيرا ما كانوا ينتقلون في جماعات في كنف شخص فذ يسمى محمد الشريف أمزيان الذي يعرف الطريق وعلى دراية تامة كيف يعبر نهر ملوية سواء في ذهابهم أو في إيابهم، لحظوته بين الناس في الطريق، وفوق هذا كله كان زعماء القبائل الريفية يكنون له الاحترام والتقدير ، ورغم أنه لم يدخل المعترك العسكري والسياسي إلا بعد أن بلغ الخمسين من عمره، فإن مكانته وأسرته في قبائل قلعية الريفية كان يفرض عليه أن يعيش أحداث أبناء جلدته عن كثب، خاصة تلك التي تتعلق بالحروب ضد إسبانيا وليس من المعقول أن يجهل حرب الريف 1893 بكل شراستها العسكرية وخطورتها السياسية، ويبقى بعيدا عن المناوشات اللاحقة مع الاستعمار ، لذلك أيضا لا يمكن لامزيان إلا أن يطفو على سطح الأحداث حين نزل بوحمارة في الريف خاصة في قبائل ايث قلعية، فيتمرد عليه ويدعو القبائل إلى محاربته وهذا ما يؤكده الكاتب جرمان عياش ” الشريف امزيان من الاوائل الذين تفطنوا إلى تواطؤ (الزرهوني) (بوحمارة) مع الأجانب وعملوا على فضحه”، لذلك كان الشريف أمزيان ضمن زعماء القبائل الذين تحركوا للدفاع عن أرضهم والقضاء على هذا الشرير الزرهوني القادم من أجل نهب خيرات الريف، واغتصاب النساء والأطفال (ولذلك خرب بوحمارة دار الشريف ونهبها)، وبعد أن انهزم بوحمارة الزرهوني أمام قبيلة آيت ورياغل، وتم طرده من الريف، ذهب امزيان على رأس وفد إلى مدينة فاس بالمغرب سنة 1909 لطرح قضية الريف وطلب المساعدة من سلطان المغرب للدفاع عن الأراضي والشرف ضد غزوات المستعمرين ولكنه لم يتلقى جوابا، فعاد إلى الريف ووحد كلمة القبائل للدفاع عن البلاد، وهكذا إلى أن تحمل مسؤولية قيادة ثورة الريف الأولى سنة 1909…

مسيرته النضالية ؟ من النشأة إلى الإستشهاد، عدد المعارك التي خاضها ؟ موقفه من خائن الوطن الجيلالي الزرهوني “بوحمارة ” المتمرد ؟ مقاومته للمشروع الإمبريالي الإسباني بشمال افريقيا ؟ نهاية مسيرته الجهادية ؟ اليوم المشهود لاغتياله ؟

كل هذه الأسئلة سنعيش إجاباتها في الجزء الثاني من سيرة البطل الريفي الشريف محمد أمزيان “رمز الصمود”  / يتبع … ترقبونا

مكتب التحرير

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *